إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
أخبار الآحاد
49575 مشاهدة
القرائن المتصلة

     ثم إن القرائن تنقسم إلى : متصلة، ومنفصلة.
أولا القرائن المتصلة:
   فيراد بها أحوال الراوي أو المروي أو السامع:
(أ) أما أحوال الرواة : فمثل كونهم من أهل الصدق والأمانة إلى آخر الشروط ، ومثل توافق العدد على نقل حديث واحد ، أو توارد راويين على سياق متقارب ، مع اختلاف الآراء، وتباعد الديار، مما يعلم به أنهما لم يتواطآ عليه ، ويبعد في العادة اتفاقهما على الكذب فهذه ونحوها قرائن تحصل العلم اليقيني بخبرهم (ب) أما أحوال المروي: فإن كلام النبي صلى الله عليه وسلم عليه من النور والبهاء والقوة في الأسلوب ما يعرفه به المتبصر في الدِّين.
 وكذا موافقته لما تهدف إليه الشريعة وكذا تأيده بالنصوص الأخرى بمعناه كل هذه قرائن توجب العلم القطعي به فلا يلتبس بالكذب والباطل على كل ذي عقل وفهم صحيح، فإن على الحق نورا يبصره ذو البصيرة السليمة الذي يفرق بين الخبر الصادق والكاذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يفرق بين الليل والنهار.
(جـ) أما أحوال السامع: فإن من كان من أهل الحديث المشتغلين بالسنة، والعالمين بمقاصد الشرع، وبأحوال الرجال كانت معرفته بالحديث أتم، وتمييزه بين الصادق والكاذب أقوى، بخلاف المعرضين عن ذلك الذين لا اشتغال لهم بعلم الحديث، وليس لهم خبرة بأحوال نقلته، فإنهم بمعزل عن معرفة الصحيح منه والسقيم، فلا يتأثرون بالقرائن ولا يفرقون بين الأخبار كما هو مشاهد.
وقد يدخل في القرائن المتصلة تلقي الأمة للخبر بالقبول، وعملهم بموجبه أو اشتغالهم بتأويله، كما تقبلوا أحاديث الصحيحين في الجملة، وغيرهما مما ثبت كونه من الدِّين، بإطباق جمهور الأمة على العمل بما تضمنته.
قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة : والخبر المتحف بالقرائن أنواع: 1- منها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما، مما لم يبلغ حد التواتر، فإنه احتفت به قرائن . (أ) منها جلالتهما في هذا الشأن.
(ب) وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما.
(جـ) وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول.
   وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن حد التواتر.
إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين .
وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه، حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم، من غير ترجيح لأحدهما على الآخر.
 وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته.
وممن صرح بإفادة ما أخرجه الشيخان العلم النظري الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ومن أئمة الحديث أبو عبد الله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر .
2- ومنها المشهور إذا كان له طرق متباينة، سالمة من ضعف الرواة والعلل. وممن صرح بإفادته العلم النظري الأستاذ أبو منصور البغدادي والأستاذ أبو بكر بن فورك وغيرهما.
3- ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين، حيث لا يكون غريبا ، كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل مثلا ويشاركه فيه غيره ، عن الشافعي ويشاركه فيه غيره ، عن مالك بن أنس فإنه يفيد العلم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته، وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير من غيرهم. ولا يتشكك من له أدنى ممارسة بالعلم وأخبار الناس أن مالكا مثلا لو شافهه بخبر أنه صادق فيه، فإذا انضاف إليه من هو في تلك الدرجة أزداد قوة وبعدا عما يخشى عليه من السهو. انتهى .
  وعلى أن المراد بالقرائن هذا النوع يتلاقى هذا القول مع القول الأول ، وهو أنه يفيد العلم، فإن الأولين لم يكونوا يقطعون بكل خبر سمعوه، ولا بكل ما قيل إنه حديث.
كيف وقد اشتهر تقسيمهم الأحاديث إلى صحيح وحسن وضعيف ؛ وحكمهم على كثير مما يسمى حديثا بأنه موضوع مكذوب ، مع أنه خبر منقول بسند ورجال مسمين غالبا .
وسبق ذكر ما اشترطوه في قبول خبر الواحد، وإفادته العلم من كون رواته ثقاتٍ عدولا ... إلخ.
مما يدل على أن من لم يستوف تلك الصفات لا يقبل خبره ، ولا يفيد العلم، وإن أفاد الظن الغالب أحيانا .